[size=24][/size]القدس 0000 ألأمانه
القدس ... الأمانة
حينما تكون أرض مهبطاً لوحي الله تعالى لفترات طويلة من الزمن، وحينما تكون منبتاً وموئلاً لأكبر عدد من الأنبياء والرسل، وحينما تجمع الديانات السماوية على تعظيمها، ويحتد الصراع والتنافس بين أتباع الأديان على امتلاكها، فذلك يعني تميزاً خاصاً وشأناً كبيراً لهذه الأرض عند الله تعالى وفي أنظار الناس.
وهذا هو واقع بيت المقدس كما كانت تسمى سابقاً منذ الفتح الإسلامي، أي البيت المقدس المطهّر الذي يتطهر به من الذنوب. وقبل ذلك كان يطلق عليها اسم (إيلياء) أي بيت الله، وقد ورد هذا الاسم في العهد العمري الذي كتبه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب لأهلها عند الفتح. حتى استقرت تسميتها بـ(القدس).
والقدس هي البقعة التي اجمع معتنقوا الديانات الكبرى الثلاث المسلمون والمسيحيون واليهود على تقديسها وبذل الغالي والرخيص من أجلها. وعنها تحدث القرآن الكريم والإنجيل والتوراة.
ولم تلعب مدينة من المدن القائمة على وجه هذه البسيطة الدور الذي لعبته مدينة القدس في التاريخ، إنها وإن لم تكن من المدن التجارية المهمة، ولا من المدن الزراعية أو الصناعية الأساسية على رغم وقوعها بين البادية في الشرق، والبحر من الغرب، إلا أنها كانت على مر الدهور مطمح أنظار الغزاة والفاتحين فحوصرت مراراً، وهدمت تكراراً، وهجرت، وأعيد بناؤها ثماني عشرة مرة في التاريخ، ولكنها بالرغم من هذا كله ظلت قائمة في هذا الوجود، وظل اسمها مذكوراً في طليعة المدن والبلدان، ذلك لأنها مقدسة في نظر جميع الأديان[1].
ويمتد تاريخ القدس إلى أكثر من 3000 سنة قبل الميلاد، كما يرجح المؤرخون، حيث بناها اليبوسيون، وكانوا رهطاً من بطون العرب الأوائل، نشأوا في صميم الجزيرة العربية، وترعرعوا في أرجائها، ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية، واستوطنوا أرض فلسطين، فكان اليبوسيون هم بناة القدس الأولون، بينما طرأ الوجود اليهودي العابر على القدس في مطلع القرن الثامن عشر قبل الميلاد[2].
مهد الرسالات والأنبياء
ليس من باب الصدفة ولا من الأمور العفوية الاتفاقية، أن تكون أرض القدس مهبطاً لوحي الله تعالى على أكثر أنبيائه، وأن تنبثق منها الرسالات الإلهية، وأن ينشأ ويعيش فيها عدد كبير من الأنبياء والرسل، بل وتصبح مثوى لهم ومحلاً لقبورهم ومدافنهم.
لابد وأن يكون ذلك باختيار إلهي، يدل على شأن وفضل منحه الله تعالى لتلك البقعة من الأرض، وشاءت حكمته تعالى أن يوجه الأنظار لقداستها وعظمتها.
فعن ابن عباس رضي الله عنه في الحديث عن رحلة نبي الله موسى عليه السلام إلى القدس قال: الأرض المقدسة وهي فلسطين، وإنما قدسها لأن يعقوب عليه السلام ولد بها، وكانت مسكن أبيه - أي موسى - إسحاق ويوسف عليه السلام ونقلوا كلهم بعد الموت إلى أرض فلسطين[3].
وقد ورد أن الله تعالى تاب على داود وسليمان في أرض القدس، وبشر الله زكريا بيحيى فيها، وولد المسيح وتكلم في المهد، وانطلقت دعوته، وأنزلت عليه المائدة من السماء في أرض القدس.
ورفع الله المسيح من الأرض من بيت المقدس إلى السماء، وينزل المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ببيت المقدس عند ظهور الإمام المهدي آخر الزمان، وماتت مريم ببيت المقدس.
وهاجر إبراهيم من بابل العراق إلى بيت المقدس، وفي بيت المقدس قبور الأنبياء إبراهيم الخليل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وداود، وسليمان، وموسى، وسواهم من الأنبياء، وقبور العديد من زوجات الأنبياء ونسائهم كسارة زوجة إبراهيم، وريقة زوجة إسحاق، وليقا زوجة يعقوب.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: البيت المقدس بنته الأنبياء، وسكنته الأنبياء ما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبي أو أقام فيه ملك[4].
آيات في فضل القدس:
وإظهاراً لفضل هذه القطعة المباركة، وتعظيماً لشأنها، تحدث القرآن الكريم عن قداستها ومكانتها في آيات عديدة.
1.فالقدس مسرى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ومنها عرج به إلى السماء، وحينما يتحدث القرآن عن قضية الإسراء والمعراج، يؤكد على فضيلة القدس، فالرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، لكن البركة والفضيلة لا تنحصر في المسجد الأقصى وإنما تشمل كل أراضي القدس من حوله.
يقول تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [5].
(إن تعبير الآية {بَارَكْنَا حَوْلَهُ} تفيد بأنه علاوة على قدسية المسجد الأقصى، فإن أطرافه أيضاً تمتاز بالبركة والأفضلية على ما سواها، ويمكن أن يكون مراد الآية البركة الظاهرية المتمثلة بما تهبه هذه الأرض الخصبة الخضراء من مزايا العمران والأنهار والزراعة، ويمكن أن تحمل البركة على قواعد الفهم المعنوي فتشير حين ذاك إلى ما تمثله هذه الأرض في طول التاريخ، من كونها مركزاً للنبوات الإلهية، ومنطلقاً لنور التوحيد، وأرضاً خصبة للدعوة إلى عبودية الله)[6].
2.وفي حديث القرآن الكريم عن هجرة نبي الله إبراهيم عليه السلام ونبي الله لوط عليه السلام إلى القدس يقول الله تعالى مؤكداً امتياز هذه الأرض بالبركة الشاملة الدائمة: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [7].
3.ويمنحها القرآن الكريم صفة القداسة على لسان نبي الله موسى عليه السلام حين يدفع قومه ويحرضهم على فتح القدس وإنقاذها من الجبابرة المشركين، يقول تعالى: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [8].
4.وعند دخول بني إسرائيل للأرض المقدسة، يبشّرهم الله تعالى بما في هذه الأرض من الخصائص المادية والمعنوية، ففيها يتوفر العيش الرغيد، وتنال مغفرة الله تعالى، لمن يدخلها ساجداً خاضعاً لشريعة الله، طالباً العفو والغفران من الله، يقول تعالى:
{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [9].
المسجد الأقصى:
وهو ابرز معلم في القدس، كان مصلى الأنبياء، ولا تزال بعض محاريبهم قائمة فيه، واليه أُسري برسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ومنه عرج به الى السماء، وكان قبلة المسلمين الاولى، وهو ثالث الحرمين الشريفين.
أخرج البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: ثم المسجد الأقصى[10].
وروي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: ( أربعة من قصور الجنة في الدنيا: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة)[11].
وعنه عليه السلام: ( صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة)[12].
والأحاديث الواردة عن أحداث الإسراء والمعراج تظهر الكثير من فضائل بيت المقدس والمسجد الأقصى، فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الى بيت المقدس حمله جبرائيل على البراق، فأتيا بيت المقدس، وعرض عليه محاريب الأنبياء وصلى بها[13].
العدوان اليهودي الصهيوني:
أواخر القرن التاسع عشر الميلادي تبلورت في أوساط اليهود فكرة إنشاء كيان قومي خاص بهم، بعد أن اشتدت عليهم ضغوط المجتمعات التي كانوا يعيشون بينها وخاصة في أوربا الشرقية، وذلك بسبب طبيعتهم العنصرية والسلوكيات التي انبثقت منها. وكان ثيودور هرتزل هو المؤسس الأول للصهيونية الحديثة، والذي ألف كتاباً بعنوان (الدولة اليهودية) رافضاً فكرة ذوبان اليهود في ثقافات الدول التي يعيشون فيها، وداعياً إلى توحيد جهود اليهود لبناء دولة خاصة بهم وطرح أمام اليهود خيارات عديدة كأماكن محتملة لتحقيق هذا الهدف منها الأرجنتين، أوغندا ، قبرص، سيناء، فلسطين واعتبرها المكان الأمثل، لما في التراث اليهودي من تقديس لهذه الأرض، والذي تحوّل إلى أوهام وأساطير، تغذّي فكرة اختصاصهم بهذه الأرض وأحقيتهم بالسيطرة عليها، إلا أن هرتزل لم يعتبر فلسطين هي الخيار الوحيد، ولم يستثن الخيارات الأخرى، وإنما حصل ذلك بعد وفاته، حيث رأى اليهود أن الأوضاع التي يمر بها المسلمون قد تساعدهم على تحقيق فكرتهم في فلسطين أفضل من أي مكان آخر، فكتب (ناحوم جولدمان) مركزاً على فلسطين…(لأن فلسطين هي ملتقى طرق أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولأن فلسطين تشكل بالواقع نقطة الارتكاز الحقيقية لكل قوى العالم، ولأنها المركز الاستراتيجي للسيطرة على العالم)[15].
وضغط اليهود على بريطانيا وكانت الدولة الأقوى لمساعدتهم على تحقيق مطامعهم في فلسطين، فأصدرت بريطانيا وعد بلفور عام 1917م تتبنى فيه هذا الهدف اليهودي العدواني.
وانشأ اليهود لهم مؤسسات على مستوى العالم كالوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي لجمع المال، وتشجيع هجرة اليهود الى فلسطين، واستملاك أراضيها، كما تظافرت جهودهم في أوربا وروسيا ثم في أمريكا للاستعانة بتلك الدول عن طريق نفوذهم في أجهزتها، لكي تدعم قيام مشروعهم وكيانهم العدواني.
وحينما وقفت الدولة العثمانية ممثلة في السلطان عبد الحميد الثاني في وجه هذا المخطط اليهودي، فإن اليهود ركزوا جهودهم للتآمر على الدولة العثمانية وإسقاطها على يد أتاتورك.
وفي سبات من المسلمين، وحالة وهن وتفكك، تحقق لليهود ما يريدون من السيطرة على الأرض المقدسة واحتلال المسجد الأقصى، وتهجير اكثر أهالي فلسطين من العرب والمسلمين ليحل محلهم اليهود المستوطنون الذين جلبوهم من مختلف البقاع والأصقاع، بتأييد ورعاية الدول الاستعمارية الكبرى.
أمانة المسلمين:
القدس الشريف ومسجدها الأقصى المبارك، والذي رعاه المسلمون وحموه من منتصف العقد الثاني لقيام الأمة والدولة الإسلامية، وتوارثت أجيال الأمة الدفاع عنه والتضحية من اجل تقديسه وتعظيمه، اصبح الآن أمانة في أعناق المسلمين من أبناء القرن العشرين، وقد اتضحت معالم المشروع الصهيوني، وتجسدت أخطاره ماثلة للعيان، إنه مشروع يستهدف انتزاع إرادة الأمة، والسيطرة على خيراتها وثرواتها في هذه المنطقة الهامة من العالم.
وفلسطين مركز ومنطلق لتحقيق الأطماع اليهودية التوسعية، وما نراه الآن من قمع وإرهاب يمارسه الصهاينة ضد الفلسطينيين، هو نموذج للأسلوب الذي سيتعاملون به مع كل المسلمين لو تمت لهم الهيمنة والسيطرة.
انهم لا يرون لغيرهم أية قيمة أو اعتبار، فهم شعب الله المختار ويجب ان يكونوا أسياد العالم، وأسياد هذه المنطقة بالخصوص، وقد صرح شيمون بيريز يوم كان وزير خارجية إسرائيل قبل سنوات قائلاً: ان الشرق الأوسط حديقة أطفال كبيرة[16].
وهم الآن يسومون ابناء فلسطين سوء العذاب ويوجهون نيران أسلحتهم الفتاكة الى صدور الأطفال والشباب العزل، ونتابع والعالم ضحايا الإرهاب والقمع اليهودي البشع على ارض فلسطين العزيزة كل يوم وكل ساعة.
القدس ... الأمانة
حينما تكون أرض مهبطاً لوحي الله تعالى لفترات طويلة من الزمن، وحينما تكون منبتاً وموئلاً لأكبر عدد من الأنبياء والرسل، وحينما تجمع الديانات السماوية على تعظيمها، ويحتد الصراع والتنافس بين أتباع الأديان على امتلاكها، فذلك يعني تميزاً خاصاً وشأناً كبيراً لهذه الأرض عند الله تعالى وفي أنظار الناس.
وهذا هو واقع بيت المقدس كما كانت تسمى سابقاً منذ الفتح الإسلامي، أي البيت المقدس المطهّر الذي يتطهر به من الذنوب. وقبل ذلك كان يطلق عليها اسم (إيلياء) أي بيت الله، وقد ورد هذا الاسم في العهد العمري الذي كتبه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب لأهلها عند الفتح. حتى استقرت تسميتها بـ(القدس).
والقدس هي البقعة التي اجمع معتنقوا الديانات الكبرى الثلاث المسلمون والمسيحيون واليهود على تقديسها وبذل الغالي والرخيص من أجلها. وعنها تحدث القرآن الكريم والإنجيل والتوراة.
ولم تلعب مدينة من المدن القائمة على وجه هذه البسيطة الدور الذي لعبته مدينة القدس في التاريخ، إنها وإن لم تكن من المدن التجارية المهمة، ولا من المدن الزراعية أو الصناعية الأساسية على رغم وقوعها بين البادية في الشرق، والبحر من الغرب، إلا أنها كانت على مر الدهور مطمح أنظار الغزاة والفاتحين فحوصرت مراراً، وهدمت تكراراً، وهجرت، وأعيد بناؤها ثماني عشرة مرة في التاريخ، ولكنها بالرغم من هذا كله ظلت قائمة في هذا الوجود، وظل اسمها مذكوراً في طليعة المدن والبلدان، ذلك لأنها مقدسة في نظر جميع الأديان[1].
ويمتد تاريخ القدس إلى أكثر من 3000 سنة قبل الميلاد، كما يرجح المؤرخون، حيث بناها اليبوسيون، وكانوا رهطاً من بطون العرب الأوائل، نشأوا في صميم الجزيرة العربية، وترعرعوا في أرجائها، ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية، واستوطنوا أرض فلسطين، فكان اليبوسيون هم بناة القدس الأولون، بينما طرأ الوجود اليهودي العابر على القدس في مطلع القرن الثامن عشر قبل الميلاد[2].
مهد الرسالات والأنبياء
ليس من باب الصدفة ولا من الأمور العفوية الاتفاقية، أن تكون أرض القدس مهبطاً لوحي الله تعالى على أكثر أنبيائه، وأن تنبثق منها الرسالات الإلهية، وأن ينشأ ويعيش فيها عدد كبير من الأنبياء والرسل، بل وتصبح مثوى لهم ومحلاً لقبورهم ومدافنهم.
لابد وأن يكون ذلك باختيار إلهي، يدل على شأن وفضل منحه الله تعالى لتلك البقعة من الأرض، وشاءت حكمته تعالى أن يوجه الأنظار لقداستها وعظمتها.
فعن ابن عباس رضي الله عنه في الحديث عن رحلة نبي الله موسى عليه السلام إلى القدس قال: الأرض المقدسة وهي فلسطين، وإنما قدسها لأن يعقوب عليه السلام ولد بها، وكانت مسكن أبيه - أي موسى - إسحاق ويوسف عليه السلام ونقلوا كلهم بعد الموت إلى أرض فلسطين[3].
وقد ورد أن الله تعالى تاب على داود وسليمان في أرض القدس، وبشر الله زكريا بيحيى فيها، وولد المسيح وتكلم في المهد، وانطلقت دعوته، وأنزلت عليه المائدة من السماء في أرض القدس.
ورفع الله المسيح من الأرض من بيت المقدس إلى السماء، وينزل المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ببيت المقدس عند ظهور الإمام المهدي آخر الزمان، وماتت مريم ببيت المقدس.
وهاجر إبراهيم من بابل العراق إلى بيت المقدس، وفي بيت المقدس قبور الأنبياء إبراهيم الخليل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وداود، وسليمان، وموسى، وسواهم من الأنبياء، وقبور العديد من زوجات الأنبياء ونسائهم كسارة زوجة إبراهيم، وريقة زوجة إسحاق، وليقا زوجة يعقوب.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: البيت المقدس بنته الأنبياء، وسكنته الأنبياء ما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبي أو أقام فيه ملك[4].
آيات في فضل القدس:
وإظهاراً لفضل هذه القطعة المباركة، وتعظيماً لشأنها، تحدث القرآن الكريم عن قداستها ومكانتها في آيات عديدة.
1.فالقدس مسرى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ومنها عرج به إلى السماء، وحينما يتحدث القرآن عن قضية الإسراء والمعراج، يؤكد على فضيلة القدس، فالرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، لكن البركة والفضيلة لا تنحصر في المسجد الأقصى وإنما تشمل كل أراضي القدس من حوله.
يقول تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [5].
(إن تعبير الآية {بَارَكْنَا حَوْلَهُ} تفيد بأنه علاوة على قدسية المسجد الأقصى، فإن أطرافه أيضاً تمتاز بالبركة والأفضلية على ما سواها، ويمكن أن يكون مراد الآية البركة الظاهرية المتمثلة بما تهبه هذه الأرض الخصبة الخضراء من مزايا العمران والأنهار والزراعة، ويمكن أن تحمل البركة على قواعد الفهم المعنوي فتشير حين ذاك إلى ما تمثله هذه الأرض في طول التاريخ، من كونها مركزاً للنبوات الإلهية، ومنطلقاً لنور التوحيد، وأرضاً خصبة للدعوة إلى عبودية الله)[6].
2.وفي حديث القرآن الكريم عن هجرة نبي الله إبراهيم عليه السلام ونبي الله لوط عليه السلام إلى القدس يقول الله تعالى مؤكداً امتياز هذه الأرض بالبركة الشاملة الدائمة: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [7].
3.ويمنحها القرآن الكريم صفة القداسة على لسان نبي الله موسى عليه السلام حين يدفع قومه ويحرضهم على فتح القدس وإنقاذها من الجبابرة المشركين، يقول تعالى: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [8].
4.وعند دخول بني إسرائيل للأرض المقدسة، يبشّرهم الله تعالى بما في هذه الأرض من الخصائص المادية والمعنوية، ففيها يتوفر العيش الرغيد، وتنال مغفرة الله تعالى، لمن يدخلها ساجداً خاضعاً لشريعة الله، طالباً العفو والغفران من الله، يقول تعالى:
{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [9].
المسجد الأقصى:
وهو ابرز معلم في القدس، كان مصلى الأنبياء، ولا تزال بعض محاريبهم قائمة فيه، واليه أُسري برسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ومنه عرج به الى السماء، وكان قبلة المسلمين الاولى، وهو ثالث الحرمين الشريفين.
أخرج البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: ثم المسجد الأقصى[10].
وروي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: ( أربعة من قصور الجنة في الدنيا: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة)[11].
وعنه عليه السلام: ( صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة)[12].
والأحاديث الواردة عن أحداث الإسراء والمعراج تظهر الكثير من فضائل بيت المقدس والمسجد الأقصى، فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الى بيت المقدس حمله جبرائيل على البراق، فأتيا بيت المقدس، وعرض عليه محاريب الأنبياء وصلى بها[13].
العدوان اليهودي الصهيوني:
أواخر القرن التاسع عشر الميلادي تبلورت في أوساط اليهود فكرة إنشاء كيان قومي خاص بهم، بعد أن اشتدت عليهم ضغوط المجتمعات التي كانوا يعيشون بينها وخاصة في أوربا الشرقية، وذلك بسبب طبيعتهم العنصرية والسلوكيات التي انبثقت منها. وكان ثيودور هرتزل هو المؤسس الأول للصهيونية الحديثة، والذي ألف كتاباً بعنوان (الدولة اليهودية) رافضاً فكرة ذوبان اليهود في ثقافات الدول التي يعيشون فيها، وداعياً إلى توحيد جهود اليهود لبناء دولة خاصة بهم وطرح أمام اليهود خيارات عديدة كأماكن محتملة لتحقيق هذا الهدف منها الأرجنتين، أوغندا ، قبرص، سيناء، فلسطين واعتبرها المكان الأمثل، لما في التراث اليهودي من تقديس لهذه الأرض، والذي تحوّل إلى أوهام وأساطير، تغذّي فكرة اختصاصهم بهذه الأرض وأحقيتهم بالسيطرة عليها، إلا أن هرتزل لم يعتبر فلسطين هي الخيار الوحيد، ولم يستثن الخيارات الأخرى، وإنما حصل ذلك بعد وفاته، حيث رأى اليهود أن الأوضاع التي يمر بها المسلمون قد تساعدهم على تحقيق فكرتهم في فلسطين أفضل من أي مكان آخر، فكتب (ناحوم جولدمان) مركزاً على فلسطين…(لأن فلسطين هي ملتقى طرق أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولأن فلسطين تشكل بالواقع نقطة الارتكاز الحقيقية لكل قوى العالم، ولأنها المركز الاستراتيجي للسيطرة على العالم)[15].
وضغط اليهود على بريطانيا وكانت الدولة الأقوى لمساعدتهم على تحقيق مطامعهم في فلسطين، فأصدرت بريطانيا وعد بلفور عام 1917م تتبنى فيه هذا الهدف اليهودي العدواني.
وانشأ اليهود لهم مؤسسات على مستوى العالم كالوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي لجمع المال، وتشجيع هجرة اليهود الى فلسطين، واستملاك أراضيها، كما تظافرت جهودهم في أوربا وروسيا ثم في أمريكا للاستعانة بتلك الدول عن طريق نفوذهم في أجهزتها، لكي تدعم قيام مشروعهم وكيانهم العدواني.
وحينما وقفت الدولة العثمانية ممثلة في السلطان عبد الحميد الثاني في وجه هذا المخطط اليهودي، فإن اليهود ركزوا جهودهم للتآمر على الدولة العثمانية وإسقاطها على يد أتاتورك.
وفي سبات من المسلمين، وحالة وهن وتفكك، تحقق لليهود ما يريدون من السيطرة على الأرض المقدسة واحتلال المسجد الأقصى، وتهجير اكثر أهالي فلسطين من العرب والمسلمين ليحل محلهم اليهود المستوطنون الذين جلبوهم من مختلف البقاع والأصقاع، بتأييد ورعاية الدول الاستعمارية الكبرى.
أمانة المسلمين:
القدس الشريف ومسجدها الأقصى المبارك، والذي رعاه المسلمون وحموه من منتصف العقد الثاني لقيام الأمة والدولة الإسلامية، وتوارثت أجيال الأمة الدفاع عنه والتضحية من اجل تقديسه وتعظيمه، اصبح الآن أمانة في أعناق المسلمين من أبناء القرن العشرين، وقد اتضحت معالم المشروع الصهيوني، وتجسدت أخطاره ماثلة للعيان، إنه مشروع يستهدف انتزاع إرادة الأمة، والسيطرة على خيراتها وثرواتها في هذه المنطقة الهامة من العالم.
وفلسطين مركز ومنطلق لتحقيق الأطماع اليهودية التوسعية، وما نراه الآن من قمع وإرهاب يمارسه الصهاينة ضد الفلسطينيين، هو نموذج للأسلوب الذي سيتعاملون به مع كل المسلمين لو تمت لهم الهيمنة والسيطرة.
انهم لا يرون لغيرهم أية قيمة أو اعتبار، فهم شعب الله المختار ويجب ان يكونوا أسياد العالم، وأسياد هذه المنطقة بالخصوص، وقد صرح شيمون بيريز يوم كان وزير خارجية إسرائيل قبل سنوات قائلاً: ان الشرق الأوسط حديقة أطفال كبيرة[16].
وهم الآن يسومون ابناء فلسطين سوء العذاب ويوجهون نيران أسلحتهم الفتاكة الى صدور الأطفال والشباب العزل، ونتابع والعالم ضحايا الإرهاب والقمع اليهودي البشع على ارض فلسطين العزيزة كل يوم وكل ساعة.
2014-01-05, 2:08 am من طرف سعد عبداللة
» فاتورة المياه ادخل هنا واعرفها
2013-11-23, 9:50 am من طرف hamada mode
» اسطوانة تشمل واد دراسية للصف الرابع
2013-09-24, 2:23 pm من طرف lionjo248
» سلسلة العاب star wars للpc
2013-06-16, 4:59 am من طرف فارس جريح
» منهج العلوم الجديد 2010 للصف الرابع الابتدائي
2013-02-17, 11:03 am من طرف lionjo248
» Macromedia Authorware 7.0
2012-09-24, 2:10 am من طرف ahmed101981
» مذكرة مختصرة في النحو
2012-08-14, 2:34 pm من طرف شارول ا
» Wondershare QuizCreator 4.2.1.1 Portable
2012-06-05, 4:26 pm من طرف فارس جريح
» سلاح التلميذ على صفحة وورد ( الصف الرابع الإبتدائى)
2012-06-05, 10:46 am من طرف عبد الله راتب
» حقيبة الوحدة في دورة انتل
2012-04-12, 12:10 pm من طرف smail_dz
» أقوى البرامج لتعليم الريايات للمرحلة الابتدائية
2012-03-24, 10:55 am من طرف nn,mm
» برنامج لعمل أسئلة الامتحانات
2012-03-15, 4:39 pm من طرف المكي أبو أحمد
» مذكرة تعليم الرسم للاطفال(متجدد) سارع باقتنائها
2012-01-24, 8:47 am من طرف غرسة
» StarWars
2011-12-20, 6:13 am من طرف فارس جريح
» ويندوز في 15 دقيقة
2011-09-28, 4:09 pm من طرف فارس جريح
» اعتصام المعلمين
2011-09-20, 5:30 pm من طرف فارس جريح
» دعوة لمليونية المعلم أمام مبنى الالاذاعة و التليفزيون
2011-09-18, 1:31 am من طرف فارس جريح
» المعلمون يهددون بالاضراب.. والوزير يؤكد الدراسة في موعدها
2011-09-15, 1:45 am من طرف الأمل
» مطالب المعلمين: إعادة هيكلة الرواتب وزيادة الحوافز
2011-09-15, 1:32 am من طرف الأمل
» إضراب المعلمين خطر علي الدراسة
2011-09-15, 1:30 am من طرف الأمل
» كتاب سلاح التلميذ 6 ابتدائي
2011-09-03, 5:58 pm من طرف الأمل
» حالة المعلم المصري
2011-09-01, 4:41 pm من طرف الأمل
» Anime Studio Pro 8.0.2019
2011-08-31, 7:07 pm من طرف الأمل
» Internet Download Manager 6.07 Build 8
2011-08-31, 6:53 pm من طرف الأمل
» Windows Shine Edition Windows 7 Ultimate
2011-08-31, 6:52 pm من طرف الأمل
» Windows Xp Sp3 Professional Arabic Aug 2011
2011-08-31, 6:51 pm من طرف الأمل
» Windows XP AiO 36 in 1 OEM Aug 2011
2011-08-31, 6:51 pm من طرف الأمل
» جميع اصدارت الاوفيس
2011-08-31, 6:47 pm من طرف الأمل
» Warmonger: Operation Downtown Destruction
2011-08-31, 6:46 pm من طرف الأمل
» Augustus 2011 4×1 Part 3 هذه الصورة مصغره ... نقره على هذا الشريط لعرض الصوره بالمقاس الحقيقي ... المقاس الحقيقي 550x600 . ( _1_ ) LostSouls EnchantedPaintings Collector's Edition هذه الصورة مصغره ... نقره على هذا الشريط لعرض الصوره بالمقا
2011-08-31, 6:46 pm من طرف الأمل
» CARS II - 2011
2011-08-31, 6:44 pm من طرف الأمل
» .Freedom force ....
2011-08-31, 6:43 pm من طرف الأمل
» Spellforce 2 Shadow Wars
2011-08-31, 6:41 pm من طرف الأمل
» Deus Ex Human Revolution
2011-08-31, 6:40 pm من طرف الأمل
» MyEgy Kid Games CD
2011-08-31, 6:37 pm من طرف الأمل
» الحكومة تتعهد مجددًا بدراسة استبعاد مكافأة الامتحانات من حوافز المعلمين
2011-08-31, 11:26 am من طرف الأمل
» مذكرة للعرض على مجلس الوزراء بشأن حالة المعلم
2011-08-30, 2:16 pm من طرف الأمل
» مجلس الدولة يعلن سقوط كمال سليمان نقيب المعلمين السبب ادخل وشوف
2011-08-30, 12:20 pm من طرف الأمل
» من اخبار اليوم في مليونية 10 سبتمبر
2011-08-30, 12:15 pm من طرف الأمل
» دعوات لـ«مليونية المعلم» 10 سبتمبر.. و«معلمون بلا نقابة»: لا نتبع مكتب الإرشاد
2011-08-30, 12:10 pm من طرف الأمل
» FantaMorph Deluxe 5.2.1
2011-08-29, 6:38 pm من طرف الأمل
» prensisafofo@yahoo.com
2011-08-29, 6:27 pm من طرف فارس جريح
» خــــــــــوخــــــــــــة
2011-08-06, 1:53 am من طرف amrhtm
» توزيعة منهج اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي
2011-07-19, 10:19 am من طرف فارس جريح
» مذكرة س و ج فى قصة واإسلاماه منسقة وجاهزة للطباعة على شكل ملف وورد
2011-07-19, 9:56 am من طرف فارس جريح
» جميع الاسطوانات الحديثة 2010 - 2011
2011-07-19, 9:53 am من طرف فارس جريح
» كيف تعرف مرتبك بنفسك
2011-07-19, 9:49 am من طرف فارس جريح
» برنــآمج محطم الرآبيـد شـير Rapidshare get file v3.42
2011-06-27, 2:43 pm من طرف mr.basem
» برنامج لمعرفة باسورد الشبكات اللاسلكي Wireless WEP Key Password Spy
2011-06-24, 12:04 pm من طرف بيبوالشاعر
» The Witcher 2 Assassins of Kings
2011-05-16, 3:17 pm من طرف فارس جريح